..
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء "
{رواه البخاري }
يقول الله عز وجل :" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ويقول أيضا :" إنما أموالكم و أولادكم فتنة "
ويقول صلى الله عليه وسلم :" إن لكل أمة فتنة و فتنة أمتي المال"
{رواه الترمذي }
وكلمة الفتنة لها معان ، وهى هنا يقصد بها الاختيار و الامتحان ، فالأموال زينة الحياة الدنيا وهم من الفتن ، وليست النساء فقط والخوف و المرض و الفقر مصائب ، وهى من الفتن كذلك .
وقد رسم لنا الشرع الطريق للأمن من الفتن ،و العبرة بكيفية استقبال المؤمن لهذه الفتن وتعامله معها ، وكيف يتقى الله فيها ، فيخرج منها إما شاكراً وإما كفوراً .
وهنا يحذر النبي صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء من فتن ميل كل منها للأخر، وهو ميل طبيعي غريزي جعله سبحانه ، ليتحقق من خلاله مراده وحكمته في الزواج و الإنجاب و تكوين الأسرة التي تحتضن الصغار و يتربى فيها الإنسان .
فوضع لنا المشرع منهاجا فيه من الضوابط والآداب و العلاجات المزيلة و المحددة من خطورة هذه الفتن ة و نذكر ببعض هذه الآداب :
1. الغض من البصر : يعنى عدم الاسترسال في النظر ، مخافة الفتنة ، وإذا أمنت الفتنة لم يمتنع ، الإنسان على نفسه بصيرة هو يعرف نقاط ضعفه و يراقب نفسه .
2. اجتناب الخلوة ، وهى وجود رجل وامرأة لاتحل له في مكان مغلق ، أما وجودهما في مكان عام ، أو في مكان به إنسان آخر ، أو فى مكان عمل فلا يعتبر ذلك خلوة .
3. التبكير بالزواج ، لتوفير الإحصان للشباب .
4. التزام النساء بالزى الشرعي ، والمرأة عليها عبء في أكثر من جانب ، حتى لا تصير أداة من أدوات الإثارة و تحريك الشهوات وهو ما نراه واضحا في بعض أجهزة الأعلام، فعليها الالتزام بآداب الإسلام في القول ، وطريقة السير و البعد عن التعطر عند الخروج، والحذر من رفع الكلفة مع الأقارب من غير المحارم , وخاصة أهل الزوج كما بينت الأحاديث النبوية الشريفة .
وقد يؤدى أحيانا الحذر من الوقوع في الفتنة على المغالاة في التطبيق ، بمعنى اعتزال النساء تماما كما حدث من بعض الصحابة ، ونهاهم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ظنوا أنهم بذلك يسدون أبواب الفتنة .
فقد كان اللقاء التعاون بين الرجال والنساء من الأمور الطبيعية في عهده صلى الله عليه وسلم ، لكن مع الالتزام بالآداب التي شرعها لنا الإسلام .
وقد يقع البعض أحيانا في مخالفة قد تصل إلى الوقوع في معصية عن جهل أو ضعف ، والله سبحانه و تعالى برحمته يكفر الذنوب ، إن كانت من اللمم الذي لا يخلو منه أحد ، ولا يصر صاحبه على المعصية ، فيسارع إلى التوبة ، فالله سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين وهكذا ينبغى التوازن الدائم بين الشعور بالخوف من عذاب الله والشعور بالرجاء فى رحمة الله .
أما تحريم الحلال فهو خطر كبير على شرع الله فقد حذر صلى الله عليه وسلم فى حديثه : " ان محرم الحلال كمحل الحرام "
{ رواه الطبراني }
نقول هذا ، لأن هناك على مر الأجيال من أسرفوا في الخوف من فتنة النساء ، فضيقوا على المرأة وحدها ، وحرموها مما أحل الله لها من الخروج والمشاركة في الحياة ومن الذهاب إلى المساجد و تلقى العلم ، ، مما أورثها مع الزمن ضعف قدرتها وعدم الثقة في نفسها ، ثم أخذوا بعد ذلك يعيبون عليها إساءة التصرف و الاهتمام بالتفاهات وإثارة الرجال وغيره مما هو نتاج لهذا الغلو المحالف تماما لما كان عليه الأمر في العهد النبوي .
نسأل الله الهداية و السداد .