لما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام أتاه راهب شيخ كبير عليه سواد
فلما رآه عمر بكى ، فقيل له ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ إنه نصراني .
قال : ذكرت قول الله عز وجل (وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى
نارا حامية) فبكيت رحمة عليه .
ما أرق قلبك أيها الفاروق ، وما أسهل ذرف الدمع من عينيك رضي الله عنك
، إنها ذرفة بسبب تذكر آية قرآنية ، لقد كان قلبه متصلا بالله عز وجل في
أي مكان ، فرأى ذلك الراهب الذي انقطع في العبادة عبادة الخاسرين رق
قلب الفاروق لهذا الزاهد الذي حرم نفسه من متاع الدنيا ورحم نفسه من
الذنوب ، ولكن : هل الراهب هو الوحيد من أهل عاملة ناصبة ؟
لا إن هناك الآلاف المؤلفة من الذين حادوا عن الحق وهم يحسبون أنهم يحسنون
صنعا فأشركوا بالله وادعوا لعباده ما لم يأمر به الله ورسوله . والباطل
مكشوف ، ولا يمكن أن يكون حقا أبدا ، ولو بكينا على (عاملة ناصبة) في
وقتنا الحاضر لما توقفت أعيننا عن الدمع ثانية واحدة .